هو الإمام حقا ، وشيخ الإسلام صدقا، أبو عبد الله ، أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي ، أحد الأئمة الأعلام . هكذا ساق نسبه ولده عبد الله ، واعتمده أبو بكر الخطيب في " تاريخه " وغيره .
وقال الحافظ أبو محمد بن أبي حاتم في كتاب " مناقب أحمد " : حدثنا صالح بن أحمد ، قال : وجدت في كتاب أبي نسبه ، فساقه إلى مازن ، كما مر ، ثم قال : ابن هذيل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة ، كذا قال : هذيل ، وهو وهم وزاد بعد وائل : ابن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن نبت بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم ، صلوات الله عليه .
وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا صالح بن أحمد فذكر النسب ، فقال فيه ذهل على الصواب . وهكذا نقل إسحاق الغسيلي عن صالح . وأما قول عباس الدوري ، وأبي بكر بن أبي داود : إن الإمام أحمد من بني ذهل بن شيبان فوهم ، غبطهما الخطيب وقال : إنما هو من بني شيبان بن ذهل بن ثعلبة ، ثم قال : وذهل بن ثعلبة هم عم ذهل بن شيبان بن ثعلبة. فينبغي أن يقال فيه : أحمد بن حنبل الذهلي على الإطلاق . وقد نسبه أبو عبد الله البخاري إليهما معا .
وأما ابن ماكولا فمع بصره بهذا الشأن وهم أيضا . وقال في نسبه : مازن بن ذهل بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة ، وما تابعه على هذا أحد . وكان محمد والد أبي عبد الله من أجناد مرو ، مات شابا له نحو من ثلاثين سنة . ورُبي أحمد يتيما ، وقيل : إن أمه تحولت من مرو ، وهي حامل به.
فقال صالح ، قال لي أبي : ولدت في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة قال صالح : جيء بأبي حمل من مرو ، فمات أبوه شابا ، فوليته أمه .
وقال عبد الله بن أحمد ، وأحمد بن أبي خيثمة : ولد في ربيع الآخر .
قال حنبل : سمعت أبا عبد الله ، يقول : طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ، فسمعت بموت حماد بن زيد ، وأنا في مجلس هشيم .
قال صالح : قال أبي : ثقبت أمي أذني فكانت تصر فيهما لؤلؤتين ، فلما ترعرعت ، نزعتهما ، فكانت عندها ، ثم دفعتهما إلي ، فبعتهما بنحو من ثلاثين درهما .
قال أبو داود : سمعت يعقوب الدورقي ، سمعت أحمد يقول : ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة شيوخه : طلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة ، في العام الذي مات فيه مالك ، وحماد بن زيد . فسمع من إبراهيم بن سعد قليلا، ومن هشيم بن بشير فأكثر ، وجود ، ومن عاد بن عباد المهلبي ، ومعتمر بن سليمان التيمي ، وسفيان بن عيينة الهلالي ، وأيوب بن النجار ، ويحيى بن أبي زائدة ، وعلي بن هاشم بن البريد وقران بن تمام ، وعمار بن محمد الثوري ، والقاضي أبي يوسف ، وجابر بن نوح الحماني ، وعلي بن غراب القاضي ، وعمر بن عبيد الطنافسي ، وأخويه يعلى ، ومحمد ، والمطلب بن زياد ، ويوسف بن الماجشون ، وجرير بن عبد الحميد ، وخالد بن الحارث ، وبشر بن المفضل ، وعباد بن العوام ، وأبي بكر بن عياش ، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، وعبدة بن سليمان ، ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، والضر بن إسماعيل البجلي ، وأبي خالد الأحمر ، وعلي بن ثابت الجزري ، وأبي عبيدة الحداد ، وعبيدة بن حميد الحذاء ، ومحمد بن سلمة الحراني ، وأبي معاوية الضرير ، وعبد الله بن إدريس ، ومروان بن معاوية ، وغندر ، وابن علية ، ومخلد بن يزيد الحراني ، وحفص بن غياث ، وعبد الوهاب الثقفي ، ومحمد بن فضيل ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ، والوليد بن مسلم ، ويحيى بن سليم حديثا واحدا ، ومحمد بن يزيد الواسطي ، ومحمد بن الحسن المزني الواسطي ، ويزيد بن هارون ، وعلي بن عاصم ، وشعيب بن حرب ، ووكيع فأكثر ، ويحيى القطان فبالغ ، ومسكين بن بكير ، وأنس بن عياض الليثي ، وإسحاق الأزرق ، ومعاذ بن معاذ ، ومعاذ بن هشام ، وعبد الأعلى السامي ، ومحمد بن أبي عدي ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الله بن نمير ، ومحمد بن بشر ، وزيد بن الحباب ، وعبد الله بن بكر ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، وأبي عاصم ، وعبد الرزاق ، وأبي نعيم ، وعفان ، وحسين بن علي الجعفي ، وأبي النضر ، ويحيى بن آدم ، وأبي عبد الرحمن المقرئ ، وحجاج بن محمد ، وأبي عامر العقدي ، وعبد الصمد بن عبد الوارث ، وروح بن عبادة ، وأسود بن عامر ، ووهب بن جرير ، ويونس بن محمد ، وسليمان بن حرب ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وخلائق إلى أن ينزل في الرواية عن قتيبة بن سعيد ، وعلي بن المديني ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وهارون بن معروف ، وجماعة من أقرانه . فعدة شيوخه الذين روى عنهم في " المسند " مائتان وثمانون ونيف .
قال عبد الله : حدثني أبي ، قال حدثنا علي بن عبد الله ، وذلك قبل المحنة . قال عبد الله : ولم يحدث أبي عنه بعد المحنة بشيء .
قلت : يريد عبد الله بهذا القول أن أباه لم يحمل عنه بعد المحنة شيئا ، وإلا فسماع عبد الله بن أحمد لسائر كتاب " المسند " من أبيه كان بعد المحنة بسنوات في حدود سنة سبع وثمان وعشرين ومائتين ، وما سمع عبد الله شيئا من أبيه ولا من غيره إلا بعد المحنة ، فإنه كان أيام المحنة صبيا مميزا ما كان حله يسمع بعد والله أعلم .
حدث عنه البخاري حديثا ، وعن أحمد بن الحسن عنه حديثا آخر في المغازي . وحدث عنه مسلم ، وأبو داود بجملة وافرة ، وروى أبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه عن رجل عنه ، وحدث عنه أيضا ولداه صالح وعبد الله ، وابن عمه حنبل بن إسحاق ، وشيوخه عبد الرزاق ، والحسن بن موسى الأشيب ، وأبو عبد الله الشافعي ، لكن الشافعي لم يسمه ، بل قال : حدثني الثقة . وحدث عنه علي بن المديني ، ويحيى بن معين ، ودحيم ، وأحمد بن صالح ، وأحمد بن أبي الحواري ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وأحمد بن الفرات ، والحسن بن الصباح البزار ، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، وحجاج بن الشاعر ، ورجاء بن مرجي ، وسلمة بن شبيب ، وأبو قلابة الرقاشي ، والفضل بن سهل الأعرج ، ومحمد بن منصور الطوسي ، وزياد بن أيوب ، وعباس الدوري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وحرب بن إسماعيل الكرماني ، وإسحاق الكوسج ، وأبو بكر الأثرم ، وإبراهيم الحربي ، وأبو بكر المروذي وأبو زرعة الدمشقي ، وبقي بن مخلد ، وأحمد بن أصرم المغفلي ، وأحمد بن منصور الرمادي ، وأحمد بن ملاعب ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وموسى بن هارون ، وأحمد بن علي الأبار ، ومحمد بن عبد الله مطين وأبو طالب أحمد بن حميد ، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري ، وولده إسحاق بن إبراهيم ، وبدر المغازلي ، وزكريا بن يحيى الناقد ، ويوسف بن موسى الحربي ، وأبو محمد فوران ، وعبدوس بن مالك العطار ، ويعقوب بن بختان ، ومهني بن يحيى الشامي ، وحمدان بن علي الوراق ، وأحمد بن محمد القاضي البرتي ، والحسين بن إسحاق التستري ، وإبراهيم بن محمد بن الحارث الأصبهاني ، وأحمد بن يحيى ثعلب ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وإدريس بن عبد الكريم الحداد ، وعمر بن حفص السدوسي ، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي ، ومحمد بن عبد الرحمن السامي ، وعبد الله بن محمد البغوي ، وأمم سواهم . وقد جمع أبو محمد الخلال جزءا في تسمية الرواة عن أحمد سمعناه من الحسن بن علي ، عن جعفر ، عن السلفي ، عن جعفر السراج عنه ، فعد فيهم وكيع بن الجراح ، ويحيى بن آدم .
قال الخطيب في كتاب " السابق " : أخبرنا أبو سعيد الصيرفي ، حدثنا الأصم ، حدثنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا الثقة من أصحابنا ، عن يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق ، أن عمر قال : إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة .
قال ابن أبي حاتم : أخبرنا أبو زرعة أن أحمد أصله بصري ، وخطته بمرو ، وحدثنا صالح سمعت أبي يقول : مات هشيم فخرجت إلى الكوفة سنة ثلاث وثمانين ، وأول رحلاتي إلى البصرة سنة ست . وخرجت إلى سفيان سنة سبع فقدمنا ، وقد مات الفضيل بن عياض . وحججت خمس حجج ، منها ثلاث راجلا ، أنفقت في إحداها ثلاثين درهما . وقدم ابن المبارك في سنة تسع وسبعين ، وفيها أول سماعي من هشيم ، فذهبت إلى مجلس ابن المبارك ، فقالوا : قد خرج إلى طرسوس ، وكتبت عن هشيم أكثر من ثلاثة آلاف . ولو كان عندي خمسون درهما ، لخرجت إلى جرير إلى الري . قلت : قد سمع منه أحاديث. قال : وسمعت أبي يقول : كتبت عن إبراهيم بن سعد في ألواح ، وصليت خلفه غير مرة ، فكان يسلم واحدة . وقد روى عن أحمد من شيوخه ابن مهدي . فقرأت على إسماعيل بن الفراء ، أخبرنا ابن قدامة ، أخبرنا المبارك بن خضير ، أخبرنا أبو طالب اليوسفي ، أخبرنا إبراهيم بن عمر ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا ابن أبي حاتم ، حدثنا أحمد بن سنان ، سمعت ، عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : كان أحمد بن حنبل عندي ، فقال : نظرنا فيما كان يخالفكم فيه وكيع ، أو فيما يخالف وكيع الناس ، فإذا هي نيف وستون حديثا .
روى صالح بن أحمد ، عن أبيه ، قال : مات هشيم ، وأنا ابن عشرين سنة ، وأنا أحفظ ما سمعت منه .
ومن صفته :
قال ابن ذريح العُكْبَرِي : طلبت أحمد بن حنبل فسلمت عليه ، وكان شيخا مخضوبا طوالا أسمر شديد السمرة . قال أحمد : سمعت من علي بن هاشم سنة تسع سبعين ، فأتيته المجلس الآخر ، وقد مات . وهي السنة التي مات فيها مالك ، وأقمت بمكة سنة سبع وتسعين ، وأقمت عند عبد الرزاق سنة تسع وتسعين . ورأيت ابن وهب بمكة ، ولم أكتب ، عنه .
قال محمد بن حاتم : ولِي حنبل جد الإمام سَرْخَس ، وكان من أبناء الدعوة ، فحُدثتُ أنه ضربه المسيَّب بن زهير ببخارى لكونه شغَّب الجند .
وعن محمد بن عباس النحوي ، قال : رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه ، رَبْعة ، يخضب بالحناء خضابا ليس بالقاني ، في لحيته شعرات سود ، ورأيت ثيابه غلاظا بيضا ، ورأيته معتما وعليه إزار .
وقال المروذي : رأيت أبا عبد الله إذا كان في البيت عامة جلوسه متربعا خاشعا . فإذا كان بَرّا ، لم يتبين منه شدة خشوع ، وكنت أدخل ، والجزء في يده يقرأ .
رحلته وحفظه :
قال صالح : سمعت أبي يقول : خرجت إلى الكوفة ، فكنت في بيت تحت رأسي لبنة ، فحججت ، فرجعت إلى أمي ، ولم أكن استأذنتها .
وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله ، يقول : تزوجت وأنا ابن أربعين سنة ، فرزق الله خيرا كثيرا .
قال أبو بكر الخلال في كتاب " أخلاق أحمد " ، وهو مجلد : أملَى عليّ زهير بن صالح بن أحمد ، قال : تزوج جدي عباسة بنت الفضل من العرب ، فلم يولد له منها غير أبي . وتوفيت فتزوج بعدها ريحانة ، فولدت عبد الله عمي ، ثم توفيت ، فاشترى حُسْنا ، فولدت أم علي زينب ، وولدت الحسن والحسين توأما وماتا بقرب ولادتهما ، ثم ولدت الحسن ومحمدا ، فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو من أربعين سنة ، ثم ولدت سعيدا . قيل : كانت والدة عبد الله عَوراء ، وأقامت معه سنين .
قال المروذي : قال لي أبو عبد الله : اختلفت إلى الكتاب ، ثم اختلفت إلى الديوان ، وأنا ابن أربع عشرة سنة . وذكر الخلال حكايات في عقل أحمد وحياته في المكتب وورعه في الصغر .
حدثنا المروذي : سمعت أبا عبد الله ، يقول : مات هشيم ولي عشرون سنة ، فخرجت أنا والأعرابي رفيق كان لأبي عبد الله ، قال : فخرجنا مشاة ، فوصلنا الكوفة ، يعني : في سنة ثلاث وثمانين ، فأتينا أبا معاوية ، وعنده الخلق ، فأعطى الأعرابي حَجَّة بستين درهما ، فخرج وتركني في بيت وحدي ، فاستوحشت ، وليس معي إلا جراب فيه كتبي ، كنت أضعه فوق لبنة ، وأضع رأسي عليه . وكنت أذاكر وكيعا بحديث الثوري ، وذكر مرة شيئا ، فقال : هذا عند هشيم ؟ فقلت : لا. وكان ربما ذكر العشر أحاديث فأحفظها ، فإذا قام ، قالوا لي ، فأُمليها عليهم .
وحدثنا عبد الله بن أحمد ، قال لي أبي : خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع من المصنف ، فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتى أخبرك بالإسناد ، وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك أنا بالكلام .
وحدثنا عبد الله بن أحمد : سمعت سفيان بن وكيع ، يقول : أحفظ عن أبيك مسألة من نحو أربعين سنة . سئل عن الطلاق قبل النكاح ، فقال : يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن علي وابن عباس ونيف وعشرين من التابعين ، لم يروا به بأسا . فسألت أبي عن ذلك ، فقال : صدق ، كذا قلت .
قال : وحفظت أني سمعت أبا بكر بن حماد ، يقول : جمعت أبا بكر بن أبي شيبة ، يقول : لا يقال لأحمد بن حنبل : من أين قلت ؟ وسمعت أبا إسماعيل الترمذي ، يذكر عن ابن نمير ، قال : كنت عند وكيع ، فجاءه رجل ، أو قال : جماعة من أصحاب أبي حنيفة ، فقالوا له : هاهنا رجل بغدادي يتكلم في بعض الكوفيين ، فلم يعرفه وكيع . فبينا نحن إذ طلع أحمد بن حنبل ، فقالوا : هذا هو ، فقال وكيع : هاهنا يا أبا عبد الله ، فأفرجوا له ، فجعلوا يذكرون عن أبي عبد الله الذي ينكرون . وجعل أبو عبد الله يحتج بالأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا لوكيع : هذا بحضرتك ترى ما يقول ؟ فقال : رجل يقول : قال رسول الله ، أيش أقول له ؟ ثم قال : ليس القول إلا كما قلت يا أبا عبد الله ، فقال القوم لوكيع : خدعك والله البغدادي .
قال عارِم : وضع أحمد عندي نفقته ، فقلت له يوما: يا أبا عبد الله ، بلغني أنك من العرب . فقال : يا أبا النعمان ، نحن قوم مساكين فلم يزل يدافعني حتى خرج ، ولم يقل لي شيئا .
قال الخلال : أخبرنا المروذي : أن أبا عبد الله ، قال : ما تزوجت إلا بعد الأربعين . وعن أحمد الدورقي ، عن أبي عبد الله ، قال : نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه وسبعة لم نضبطه ، فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد ؟! قال عبد الله بن أحمد : قال لي أبو زرعة : أبوك يحفظ ألف ألف حديث ، فقيل له : وما يدريك ؟ قال : ذاكرته فأخذت عليه الأبواب . فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله ، وكانوا يعدون في ذلك المكرر ، والأثر ، وفتوى التابعي ، وما فُسِّر ، ونحو ذلك وإلا فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك .
قال ابن أبي حاتم : قال سعيد بن عمرو : يا أبا زرعة ، أأنت أحفظ ، أم أحمد ؟ قال : بل أحمد . قلت : كيف علمت ؟ قال : وجدت كتبه ليس في أوائل الأجزاء أسماء الذين حدثوه . فكان يحفظ كل جزء ممن سمعه ، وأنا لا أقدر على هذا . وعن أبي زرعة قال : حُزِرَتْ كتب أحمد يوم مات ، فبلغتْ اثني عشر حِملا وعِدلا . ما كان على ظهر كتاب منها حديث فلان ، ولا في بطنه حدثنا فلان ، كل ذلك كان يحفظه .
وقال حسن بن منبه : سمعت أبا زرعة ، يقول : أخرج إليّ أبو عبد الله أجزاء كلها سفيان سفيان ، ليس على حديث منها " حدثنا فلان " ، فظننتها عن رجل واحد ، فانتخبت منها . فلما قرأ ذلك علي جعل يقول : حدثنا وكيع ، ويحيى ، وحدثنا فلان ، فعجيت ، ولم أقدر أنا على هذا .
قال إبراهيم الحربي : رأيت أبا عبد الله ، كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين . وعن رجل قال : ما رأيت أحدأ أعلم بفقه الحديث ومعانيه من أحمد . أحمد بن سلمة : سمعت ابن راهويه ، يقول : كنت أجالس أحمد وابن معين ، ونتذاكر فأقول : ما فقهه ؟ ما تفسيره ؟ فيسكتون إلا أحمد .
قال أبو بكر الخلال : كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ، ثم لم يلتفت إليها .
قال إبراهيم بن شماس : سألنا وكيعا عن خارجة بن مصعب ، فقال : نهاني أحمد أن أحدِّث عنه .
قال العباس بن محمد الخلال : حدثنا إبراهيم بن شماس ، سمعت وكيعا وحفص بن غياث ، يقولان : ما قدم الكوفة مثل ذاك الفتى ، يعنيان : أحمد بن حنبل . وقيل : إن أحمد أتى حسينا الجعفي بكتاب كبير يشفع في أحمد ، فقال حسين : يا أبا عبد الله ، لا تجعل بيني وبينك منعما فليس تحَمَّل عليّ بأحد إلا وأنت أكبر منه . الخلال : حدثنا المروذي ، أخبرنا خضر المروذي بطرسوس ، سمعت ابن راهويه ، سمعت يحيى بن آدم ، يقول : أحمد بن حنبل إمامنا .
الخلال : حدثنا محمد بن علي ، حدثنا الأثرم ، حدثني بعض من كان مع أبي عبد الله ، أنهم كانوا يجتمعون عند يحيى بن آدم ، فيتشاغلون عن الحديث بمناظرة أحمد يحيى بن آدم ، ويرتفع الصوت بينهما ، وكان يحيى بن آدم واحد أهل زمانه في الفقه .
الخلال : أخبرنا المروذي ، سمعت محمد بن يحيى القطان ، يقول : رأيت أبي مكرَّما لأحمد بن حنبل ، لقد بذل له كُتُبه ، أو قال : حديثه .
وقال القواريري : قال يحيى القطان : ما قدم علينا مثل هذين؛ أحمد ويحيى بن معين . وما قدم عليّ من بغداد أحب إليّ من أحمد بن حنبل .
وقال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : شقّ علَى يحيى بن سعيد يوم خرجتُ من البصرة .
عمرو بن العباس : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، ذكر أصحاب الحديث ، فقال : أعلمهم بحديث الثوري أحمد بن حنبل . قال : فأقبل أحمد ، فقال ابن مهدي : من أراد أن ينظر إلى ما بين كتفي الثوري ، فلينظر إلى هذا .
قال المروذي : قال أحمد : عنيت بحديث سفيان ، حتى كتبته عن رجلين ، حتى كلمنا يحيى بن آدم ، فكلم لنا الأشجعي ، فكان يخرج إلينا الكتب ، فنكتب من غير أن نسمع . وعن ابن مهدي ، قال : ما نظرت إلى أحمد إلا ذكرتُ به سفيان .
قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : خالف وكيعٌ ابنَ مهدي في نحو من ستين حديثا من حديث سفيان ، فذكرت ذلك لابن مهدي ، وكان يحكيه عني . عباس الدوري : سمعت أبا عاصم يقول لرجل بغدادي : من تعدون عندكم اليوم من أصحاب الحديث ؟ .
قال : عندنا أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبو خيثمة ، والمُعَيْطي ، والسُّويدي ، حتى عدَّ له جماعة بالكوفة أيضا وبالبصرة . فقال أبو عاصم : قد رأيت جميع من ذكرت ، وجاءوا إليَّ ، لم أر مثل ذاك الفتى ، يعني : أحمد بن حنبل .
قال شجاع بن مخلد : سمعت أبا الوليد الطيالسي ، يقول : ما بالمصرين رجل أكرم عليّ من أحمد بن حنبل . وعن سليمان بن حرب ، أنه قال لرجل : سَلْ أحمد بن حنبل ، وما يقول في مسألة كذا ؟ فإنه عندنا إمام .
الخلال : حدثنا علي بن سهل ، قال : رأيت يحيى بن معين عند عفان ، ومعه أحمد بن حنبل ، فقال : ليس هنا اليوم حديث . فقال يحيى : ترد أحمد بن حنبل ، وقد جاءك ؟ فقال : الباب مقفل ، والجارية ليست هنا . قال يحيى : أنا أفتح ، فتكلم على القُفل بشيء ، ففتحه . فقال عفان : أفشَّاش أيضا؟! وحدثهم .
قال : وحدثنا المروذي : قلت لأحمد : أكان أُغميَ عليك ، أو غُشِي عليك عند ابن عيينة ؟ قال : نعم ، في دهليزه زَحَمني الناس ، فأُغمي عليّ .
وروي أن سفيان ، قال يومئذ : كيف أحدث وقد مات خير الناس ؟ .
وقال مُهَنَّى بن يحيى : قد رأيت ابن عيينة ، ووكيعا ، وبقية ، وعبد الرزاق ، وضَمْرَة ، والناس ، ما رأيت رجلا أجمع من أحمد في علمه وزهده وورعه . وذكر أشياء .
وقال نوح بن حبيب القومسي : سلمت على أحمد بن حنبل في سنة ثمان وتسعين ومائة بمسجد الخَيْف ، وهو يُفتي فُتيا واسعة .
وعن شيخ أنه كان عنده كتاب بخط أحمد بن حنبل ، فقال : كنا عند ابن عيينة سنة ، ففقدت أحمد بن حنبل أياما ، فدللت على موضعه ، فجئت ، فاذا هو في شبيه بكهف في جياد . فقلت : سلام عليكم ، أدخل ؟ فقال : لا . ثم قال : ادخل ، فدخلت ، وإذا عليه قطعة لِبْدٍ خَلَق ، فقلت : لم حجبتني ؟ فقال : حتى استترت . فقلت : ما شأنك ؟ قال : سرقت ثيابي . قال : فبادرت إلى منزلي فجئته بمائة درهم ، فعرضتها عليه ، فامتنع ، فقلت : قرضا ، فأبى ، حتى بلغت عشرين درهما ، ويأبى . فقمت ، وقلت : ما يحل لك أن تقتل نفسك . قال : ارجع ، فرجعت ، فقال : أليس قد سمعت معي من ابن عيينة ؟ قلت : بلى . قال : تحب أن أنسخه لك ؟ قلت : نعم . قال : اشتر لي ورقا . قال : فكتب بدراهم اكتسى منها ثوبين .
الحاكم : سمعت بكران بن أحمد الحنظلي الزاهد ببغداد ، سمعت عبد الله بن أحمد ، سمعت أبي يقول : قدمت صنعاء ، أنا ويحيى بن معين ، فمضيت إلى عبد الرزاق في قريته ، وتخلف يحيى ، فلما ذهبت أدق الباب ، قال لي بقال تجاه داره : مهْ ، لا تدق ، فإن الشيخ يهاب . فجلست حتى إذا كان قبل المغرب ، خرج فوثبت إليه ، وفي يدي أحاديث انتقيتُها ، فسلمت ، وقلت : حدثني بهذه رحمك الله ، فإني رجل غريب . قال : ومن أنت ؟ وزبرني . قلت : أنا أحمد بن حنبل ، قال : فتقاصر ؟ وضمني إليه ، وقال : بالله أنت أبو عبد الله ؟ ثم أخذ الأحاديث ، وجعل يقرؤها حتى أظلم ، فقال للبقال : هلم المصباح حتى خرج وقت المغرب ، وكان عبد الرزاق يؤخر صلاة المغرب .
الخلال : حدثنا الرمادي ، سمعت عبد الرزاق ، وذكر أحمد بن حنبل ، فدمعت عيناه ، فقال : بلغني أن نفقته نفدت ، فأخذت بيده ، فأقمته خلف الباب ، وما معنا أحد ، فقلت له : إنه لا تجتمع عندنا الدنانير ، إذا بعنا الغلة ، أشغلناها في شيء . وقد وجدت عند النساء عشرة دنانير فخذها ، وأرجو أن لا تنفقها حتى يتهيأ شيء . فقال لي : يا أبا بكر ، لو قبلت من أحد شيئا ، قبلت منك .
وقال عبد الله : قلت لأبي : بلغني أن عبد الرزاق عرض عليك دنانير ؟ .
قال : نعم . وأعطاني يزيد بن هارون خمس مائة درهم -أظن- فلم أقبل ، وأعطى يحيى بن معين ، وأبا مسلم ، فأخذا منه .
وقال محمد بن سهل بن عسكر : سمعت عبد الرزاق ، يقول : إن يعشْ هذا الرجل ، يكون خلفا من العلماء .
المروذي : حدثني أبو محمد النسائي ، سمعت إسحاق بن راهويه ، قال : كنا عند عبد الرزاق أنا وأحمد بن حنبل ، فمضينا معه إلى المصلى يوم عيد ، فلم يكبر هو ولا أنا ولا أحمد ، فقال لنا : رأيت معمرا والثوري في هذا اليوم كبرا ، وأني رأيتكما لم تكبرا فلم أكبر ، فلم لم تكبرا ؟ قلنا : نحن نرى التكبير ، ولكن شُغلنا بأي شيء نبتدئ من الكتب .
أبو إسحاق الجوزجاني ، قال : كان أحمد بن حنبل يصلي بعبد الرزاق ، فسها ، فسأل عنه عبد الرزاق ، فأخبر أنه لم يأكل منذ ثلاثة أيام شيئا. رواها الخلال ، قال : سمعت أبا زرعة القاضي الدمشقي عن الجوزجاني .
قال الخلال : حدثنا أبو القاسم بن الجبلي ، عن أبي إسماعيل الترمذي ، عن إسحاق بن راهويه ، قال : كنت مع أحمد بن حنبل عند عبد الرزاق ، وكانت معي جارية ، وسكنَّا فوق ، وأحمد أسفل في البيت . فقال لي : يا أبا يعقوب : هو ذا يعجبني ما أسمع من حركتكم . قال : وكنت أطلع فأراه يعمل التكك ، ويبيعها ، ويتقوت بها هذا أو نحوه .
قال المروذي : سمعت أبا عبد الله ، يقول : كنت في إِزْرِي من اليمن إلى مكة . قلت : اكتريت نفسك من الجمالين ؟ قال : قد اكتريت لكتبي ، ولم يقل لا . وعن إسماعيل ابن عُلَيَّة : أنه أقيمت الصلاة ، فقال : هاهنا أحمد بن حنبل ، قولوا له يتقدم يصلي بنا .
وقال الأثرم : أخبرني عبد الله بن المبارك شيخ سمع قديما ، قال : كنا عند ابن عُليَّة ، فضحك بعضنا وثم أحمد . قال : فأتينا إسماعيل بعد فوجدناه غضبان ، فقال : تضحكون وعندي أحمد بن حنبل! .
قال المروذي : قال لي أبو عبد الله : كنا عند يزيد بن هارون ، فوهم في شيء ، فكلمته ، فأخرج كتابه ، فوجده كما قلت ، فغيره فكان إذا جلس ، يقول : يا ابن حنبل ، ادْنُ ، يا ابن حنبل ، ادن هاهنا . ومرضت فعادني ، فنطحه الباب .
المروذي : سمعت جعفر بن ميمون بن الأصبغ ، سمعت أبي يقول : كنا عند يزيد بن هارون ، وكان عنده المُعَيْطي ، وأبو خيثمة ، وأحمد ، وكانت في يزيد -رحمه الله- مداعبة ، فذاكره المعيطي بشيء . فقال له يزيد : فقدتك ، فتنحنح أحمد فالتفت إليه ، فقال : من ذا ؟ قالوا : أحمد بن حنبل ، فقال : ألا أعلمتموني أنه هاهنا ؟ .
قال المروذي : فسمعت بعض الواسطين يقول : ما رأيت يزيد بن هارون ترك المزاح لأحد إلا لأحمد بن حنبل .
قال أحمد بن سنان القطان : ما رأيت يزيد لأحد أشد تعظيما منه لأحمد بن حنبل ، ولا أكرم أحدا مثله ، كان يقعده إلى جنبه ، ويوقِّره ، ولا يمازحه .
وقال عبد الرزاق : ما رأيت أحدا أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل . قلت : قال هذا ، وقد رأى مثل الثوري ومالك وابن جريج .
وقال حفص بن غياث : ما قدم الكوفة مثل أحمد .
وقال أبو اليمان : كنت أشبه أحمد بأرطاة بن المنذر .
وقال الهيثم بن جميل الحافظ : إن عاش أحمد سيكون حجة على أهل زمانه .
وقال قتيبة : خير أهل زماننا ابن المبارك ، ثم هذا الشاب ، يعني : أحمد بن حنبل ، وإذا رأيت رجلا يحب أحمد ، فاعلم أنه صاحب سنة . ولو أدرك عصر الثوري ، والأوزاعي ، والليث ، لكان هو المقدم عليهم . فقيل لقتيبة : يضم أحمد إلى التابعين ؟ قال : إلى كبار التابعين .
وقال قتيبة : لولا الثوري ، لمات الورع ، ولولا أحمد لأحدثوا في الدين ، أحمد إمام الدنيا . قلت : قد روى أحمد في " مسنده " عن قتيبة كثيرا . وقيل لأبي مُسهر الغساني : تعرف من يحفظ على الأمة أمر دينها ؟
قال : شاب في ناحية المشرق ، يعني : أحمد .
قال المُزَني : قال لي الشافعي : رأيت ببغداد شابا إذا قال : حدثنا ، قال الناس كلهم : صدق . قلت : ومن هو ؟ قال : أحمد بن حنبل .
وقال حرملة : سمعت الشافعي يقول : خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلا أفضل ، ولا أعلم ، ولا أفقه ، ولا أتقى من أحمد بن حنبل .
وقال الزعفراني : قال لي الشافعي : ما رأيت أعقل من أحمد ، وسليمان بن داود الهاشمي .
قال محمد بن إسحاق بن راهويه : حدثني أبي ، قال : قال لي أحمد بن حنبل : تعال حتى أريك من لم يُرَ مثله ، فذهب بي إلى الشافعي ، قال أبي : وما رأى الشافعي مثل أحمد بن حنبل . ولولا أحمد وبَذْلُ نفسه ، لذهب الإسلام - يريد المحنة .
ورُوِي عن إسحاق بن راهويه ، قال : أحمد حجة بين الله وبين خلقه .
وقال محمد بن عبدويه : سمعت علي بن المديني ، يقول : أحمد أفضل عندي من سعيد بن جبير في زمانه؛ لأن سعيدا كان له نظراء . وعن ابن المديني ، قال : أعز الله الدين بالصديق يوم الردة ، وبأحمد يوم المحنة .
وقال أبو عبيد : انتهى العلم إلى أربعة : أحمد بن حنبل وهو أفقههم ، وذكر الحكاية .
وقال أبو عبيد : إني لأتدين بذكر أحمد . ما رأيت رجلا أعلم بالسنة منه.
وقال الحسن بن الربيع : ما شبهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهيئته .
الطبراني : حدثنا محمد بن الحسين الأنماطي ، قال : كنا في مجلس فيه يحيى بن معين ، وأبو خيثمة ، فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل ، فقال رجل : فبعض هذا ، فقال يحيى : وكثرة الثناء على أحمد تستنكر ! لو جلسنا مجالسنا بالثناء عليه ، ما ذكرنا فضائله بكمالها . وروى عباس ، عن ابن معين قال : ما رأيت مثل أحمد .
وقال النُّفيلي : كان أحمد بن حنبل من أعلام الدين .
وقال المروذي : حضرت أبا ثور سئل عن مسألة ، فقال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامنا فيها كذا وكذا .
وقال ابن معين : ما رأيت من يحدث لله إلا ثلاثة : يعلى بن عبيد ، والقعنبي وأحمد بن حنبل .
وقال ابن معين : أرادوا أن أكون مثل أحمد ، والله لا أكون مثله أبدا .
وقال أبو خيثمة : ما رأيت مثل أحمد ، ولا أشد منه قلبا .
وقال علي بن خشرم : سمعت بشر بن الحارث ، يقول : أنا أُسأل عن أحمد بن حنبل ؟ ! إن أحمد أُدخل الكير ، فخرج ذهبا أحمر .
وقال عبد الله بن أحمد : قال أصحاب بشر الحافي له حين ضرب أبي : لو أنك خرجت فقلت : إني على قول أحمد ، فقال : أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء ؟!.
القاسم بن محمد الصائغ : سمعت المروذي ، يقول : دخلت على ذي النون السجن ، ونحن بالعسكر ، فقال : أي شيء حال سيدنا ؟ يعني : أحمد بن حنبل .
وقال محمد بن حماد الظهراني : سمعت أبا ثور الفقيه ، يقول : أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثوري .
وقال نصر بن علي الجهضمي : أحمد أفضل أهل زمانه .
قال صالح بن علي الحلبي : سمعت أبا همام السكوني يقول : ما رأيت مثل أحمد بن حنبل ، ولا رأى هو مثله . وعن حجاج بن الشاعر ، قال : ما رأيت أفضل من أحمد ، وما كنت أحب أن أُقتل في سبيل الله ، ولم أُصَلِّ على أحمد ، بلغ والله في الإمامة أكبر من مبلغ سفيان ومالك .
وقال عمرو الناقد : إذا وافقني أحمد بن حنبل على حديث لا أُبالي من خالفني .
قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن علي بن المديني وأحمد بن حنبل ، أيهما أحفظ ؟ فقال : كانا في الحفظ متقاربين ، وكان أحمد أفقه ، إذا رأيت من يحب أحمد ، فاعلم أنه صاحب سنة .
وقال أبو زرعة : أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأفقه ، ما رأيت أحدا أكمل من أحمد .
وقال محمد بن يحيى الذُّهْلي : جعلت أحمد إماما فيما بيني وبين الله .
وقال محمد بن مهران الجمال : ما بقي غير أحمد .
قال إمام الأئمة ابن خزيمة : سمعت محمد بن سحتويه ، سمعت أبا عمير بن النحاس الرملي ، وذكر أحمد بن حنبل ، فقال : رحمه الله ، عن الدنيا ما كان أصبره ، وبالماضين ما كان أشبهه ، وبالصالحين ما كان ألحقه ، عرضت له الدنيا فأباها ، والبدع فنفاها .
قال أبو حاتم : كان أبو عمير من عباد المسلمين . قال لي : أمِلَّ عليّ شيئا عن أحمد بن حنبل . وروي عن أبي عبد الله البوشنجي : قال : ما رأيت أجمع في كل شيء من أحمد بن حنبل ، ولا أعقل منه .
وقال ابن وارة : كان أحمد صاحب فقه ، صاحب حفظ ، صاحب معرفة.
وقال النسائي : جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث والفقه والورع والزهد والصبر . وعن عبد الوهاب الوراق : قال : لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : فردوه إلى عالمه رددناه إلى أحمد بن حنبل ، وكان أعلم أهل زمانه .
وقال أبو داود : كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة ، لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا ، ما رأيته ذكر الدنيا قط .
قال صالح بن محمد جزرة : أفقه من أدركت في الحديث أحمد بن حنبل .